: |--*¨
¨*--|أكبر مكتبة قصص للأطفال |--*¨
¨*--|
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
قطعة من حديد
كان أخوان اثنان ماضيين من الريف إلى المدينة، في الصباح الباكر، لبيع ما لديهما من خضر، يحملانها على ظهر حمار، وكانا قد اتفقا على أن يمتطي أحدهما الحمار في الذهاب، وأن يمتطيه الآخر في الإياب.
وفي الطريق، رأى الأخ الذي يركب الحمار قطعة حديدية صغيرة، فقال لأخيه الراجل: (التقط تلك القطعة، فقد نبيعها، ونستفيد بثمنها)، فأجابه أخوه: (أنا لا أكلف نفسي عناء الانحناء ل
الحلم والمستقبل
عامر وماهر أخوان يحب أحدهما الآخر حباً كبيراً.. وهما مثل صديقين متفاهمين منسجمين.. لا يتشاجران.. ولا يتخاصمان.
ماهر الأول في صفه دائماً.. وكذلك عامر. وهما لايفترقان إلا قليلاً عندما ينصرف أحدهما إلى هوايته الخاصة.
هواية عامر أن يتطلع إلى السماء ويتعرف إلى النجوم وأسمائها، ومواقعها، وأبراجها..
ويحلم أن يكون في المستقبل رائد فضاء.. بينما يبحث ماهر في الأرض وينقب عن حجر فضي مشع سمع عنه، وقالوا إن فيه معدنا نادراً، وهو يأمل في المستقبل أن يصبح من العلماء.
وبما أن الطفلين يعيشان منذ ولادتهما في منطقة اكتشاف وتنقيب عن البترول، وضمن مدينة عملية صناعية حيث يتوفر لها المناخ الطبيعي والعلمي فقد تعلق كل منهما بهوايته بتشجيع من الأبوين، وأصدقاء الأسرة من العلماء والخبراء.
وفي ليلة ربيعية، والسماء مشحونة بغيوم سوداء، والعاصفة توشك أن تهب رجع الطفلان من المدرسة متعبين، قال ماهر لعامر:
- أنت لا تنظر نحو السماء يا عامر.. طبعاً لن ترى نجومك وأبراجك من وراء الغيوم.
قال عامر:
- وأنت أيضاً تتعجل في مشيتك كأنك لا تهتم بما يصادفك من أحجار.
وضحك الاثنان معاً لأنهما يعرفان جيداً أن هذا ليس وقت الهوايات فالامتحان قريب، وعليهما أن ينصرفا للدراسة، ثم إن جو اليوم لا يساعدهما على ذلك.
وبعد أن انتهيا من دراستهما وذهبا إلى النوم كانت العاصفة قد انفجرت، فهطلت الأمطار بغزارة، وقصف الرعد، ولمع البرق، وحملت الريح الشديدة ذرات التراب الذي يهبط أحياناً على مثل هذه المناطق في الصحراء فيغطيها بطبقة كثيفة كأنها رداء من (الطمى) الأحمر. قفز ماهر وهو الأصغر إلى فراش عامر الذي كان يتابع ظهور البرق واختفائه، فضحك منه قائلاً:
- هل تخاف يا عامر من العاصفة؟.. أنا لاأعرفك جباناً.
ارتبك عامر وأجاب:
- لا.. ولكنني أشعر بالبرد.
فقال ماهر:
- لماذا لانتحدث قليلاً قبل أن ننام؟
قال عامر:
- حسناً.. أحدثك عن نجمي الذي رأيته مرة واحدة في الصيف الماضي ثم اختفى عني.
هل تتذكر تلك الليلة التي ذهبنا فيها مع بعض العلماء إلى الصحراء؟
أجاب ماهر:
- نعم أتذكر.. وهل نسيت أنت ذلك الحجر المشع الذي لمحته في أعماق تلك البئر البترولية المهجورة؟
وظل الإثنان يتحدثان.. حتى وجد عامر نفسه رغم العاصفة في قلب الصحراء.
المطر يبلله.. والهواء يقذفه كالكرة من جانب إلى آخر، والرعد يدوي بينما البرق يضيء له مكان نجمه الضائع فيصفق فرحاً وسروراً.
وكذلك وجد ماهر نفسه وقد تدلى بحبل متين إلى أعماق البئر، وقبض بيديه الاثنتين على الحجر الفضي، وهو يهتف: وجدته.. وجدته.. انه لي.
ورغم التراب الذي كان يتساقط فوقه وقلة الهواء فقد كان يحاول الخروج بعد أن حصل على حجره الثمين وهو مصرّ على ألا يفقده من بين يديه.
وهكذا ناما طوال الليل.. وعندما استيقظا وأخذ كل منهما يحكي للآخر ماذا رأى في الحلم، كان الأب يدخل غرفة طفليه ليطمئن عليهما. وعندما وجدهما صامتين حزينين تعجب مما بهما.
سأل عامر:
- هل تتحقق الأحلام يا أبي؟
وسأل ماهر:
- ألا يمكن العثور على أحجار فضية ثمينة ومشعة؟
ولأن الأب كان يعرف هواية طفليه فقد أجاب:
- إذا سعى أحدنا وراء أحلامه فلابد أن تتحقق.. ثم أن الطبيعة غنية جداً بعناصرها، ومعادنها، والإنسان يكتشف كنوزها كل يوم.
وهنا دخلت (سلمى) الصغيرة وراء أمها وهي تعانق دميتها وتقول:
- أنا لم أفهم شيئاً يابابا مما قلت.. ماذا قلت؟
أجاب الأب وهو يضحك:
- ستفهمين يوماً ما كل شيء.. كل شيء
فراس والنّاَقة وولديها
فراس صبي صغير يرعى جمال القبيلة. كلَّ يوم يأخذ الجمال والنَّاقة إلى المراعي، وهناك يتركها ترعى من العشب والحشائش الخضراء، وتشرب من ماء العيون والآبار التي في الوادي، ثمَّ يعود بها في المساء.
وكانت أمُّ فراس تأخذ النَّاقة وراء الخيام، وترجع بعد لحظات تحمل إناءً كبيراً من الحليب، وتقول لإبنها: (شكراً لك يا فراس.. اخترت اليوم مرعيً جيِّدا، وأكلت الجمال والنَّاقة من العشب الأخضر حتَّى شبعت.. كنت بحقِّ راعياً طيِّباً يا فراس).
وفي بعض الأحيان كان فراس يكسل عن المشي الطَّويل، ولا يأخذ الجمال والنَّاقة إلى الوادي البعيد الذي به العشب والماء، ويربطها إلى نخلة قريبة، ثمَّ يجري ويلعب مع أصحابه، وعندما يعود في المساء تأخذ أمُّه النَّاقة كالعادة خلف الخيام ثمَّ ترجع ومعها إناء اللَّبن وتصيح في إبنها غاضبةً: (فراس.. لقد كنت اليوم تلعب، ولم ترعى الجمال والنَّاقة كما يجب.. أنت مهمل - يا فراس - وتستحقُّ العقاب).
كان فراس يحزن لغضب أمِّه، وكان يفكِّر كثيرا ويقول لنفسه: (كيف تعرف أمِّي الحقيقة دائماً؟ كلّ يوم تأخذ النّاقة خلف الخيام، وتبقى معها قليلاً، ثم تعود لتشكرني أو لتلومني أو تعاتبني.. لا بدّ أنّ في الأمر سرّا.. ليس هناك غير النّاقة.. فهي التي تحكي لأمّي كلّ شيء، وتخبرها كلّ يوم بما فعلت.. لكن!.. هل تعرف أمّي لغة النّاقة حقا؟ إنّ هذا أمر عجيب)!
ولم يكن فراس يسكت.. بل كان ينتقم من النّاقة، فهو يعرف جيدا ما يضايقها.. كان فراس يخفي عن النّاقة ولدها الجمل الصغير.. فتحزن النّاقة وتبكي، وتمتنع عن الطعام.. إلى أن يعيد لها ابنها.
ذات يوم.. جاء ضيوف من قبيلة أخرى، وأراد أبو فراس أن يكرمهم. نادى الأب فراسا، وطلب منه أن يحضر الجمل الصغير ابن النّاقة ليذبحوه ويطعموا الضّيوف. حزن فراس وبكى بشدّة، وقال لأبيه: (لا - يا أبي - أترك الجمل الصغير، فأنا أحبه ولا يمكنني أن أستغني عنه. اذبح أمّه النّاقة بدلا منه.. فهي تستحق الذبح، لأنها تخبر أمي كل يوم بما أعمل لتعاقبني).
سمعت الأم كلام ابنها، وقالت له وهي تضمه إلى صدرها: (لا يا بني.. النّاقة لا تقول لي شيئا، ولكني أعرف الحقيقة من لبنها، فإن أنت رعيتها جيدا، وسرت بها إلى الوادي حيث العشب الأخضر الطري والحشائش الخضراء امتلأ ضرعها وأعطتنا حليبا كثيرا، أما إذا أهملتها وكسلت، وفضلت اللعب مع أصحابك وتركت النّاقة بلا مرعى، عادت إلي بحليب قليل.. هل فهمت الآن - يا بني - كيف أعرف ما تفعله كل يوم؟)!
ابتسم فراس وقال: (ما أظلمني! لقد كنت أسيء معاملة النّاقة طوال هذه المدة واتهمها بالباطل)! فقال الأب (والآن.. أسرع يا بني، وأحضر الجمل الصغير حتى نذبحه ونطعم ضيوفنا، وإن شاء الله، فسوف تلد لك النّاقة جملا صغيرا أجمل منه).
كان فراس يتألم وهو يسوق الجمل الصغير إلى أبيه، لكنه كان يدرك كذلك أنّ إكرام الضّيف واجب، وأن قبيلته يجب أن تظل رافعة الرّأس بين جاراتها القبائل
الهر زعفران
نعم، إنه القط زعفران، إنه هر صغير لكن عنده مشكلة..
ميو.. ميو.. ما هذا؟ أنا في حالة لا تطاق. الجميع يزعجونني ويثيرونني. أقترب من رفاقي الهررة فيبتعدون عني ولا يريدون أن يشتركوا معي في ألعابهم.
قالت أمه: هل تعرف يا زعفران لماذا لا يريدك رفاقك أن تلعب معهم؟
لا. لا أعرف ولا أريد أن أعرف.
على العكس، يجب أن تعرف يا زعفران. لعلّك تحسّن من تصرفاتك.
حسنا، لماذا لا يريدون أن ألعب معهم؟
لأنك سريع الغضب، لا تقبل المزاح، ولا تتغاضى عن الأخطاء التي يعتذر لك رفاقك من أجلها إذا ما بدرت منهم.
لا أدري.لا أدري. أنا هكذا دائما. هذه هي طباعي.
عليك أن تغيّر هذه الطباع.
لا أقدر،لا أقدر، حبّذا لو أقدر!
جرّب يا زعفران. حاول يا صغيري.
ازداد سلوك القط الصغير زعفران سوءا، وازدادت شراسته، وصار يضرب إخوته من دون سبب مقنع، ويرفض نصيحة أمه وأبيه.
- مواء مواء مواء مواء مواء
لماذا؟ لماذا؟ لماذا يا زعفران تضرب إخوتك القطط الصغيرة؟
لا أطيقها ، لا أحبها.
إنك بتصرفك هذا يا بني جعلت الجميع يبتعدون عنك.
لمست ذلك يا أبي، حتى أمي ذاتها لم تعد تحكي لي حكايات المساء المسلية. وإخوتي صاروا يتحاشون الاحتكاك بي حتى لا أثور.
إذن يجب أن تفعل شيئا.
ماذا أفعل يا أبي؟ إنني أشعر وكأنني أعيش في عزلة، وأشعر وكأني أنكفئ على نفسي..
اسمع يا زعفران، يا صغيري العزيز.. يجب أن تجد حلاً لمشكلتك.
ساعدوني. ماذا أفعل؟
فكّر. فكّر في الأمر يا بني. فكّر، فكّر. ماذا عليك أن تفعل يا زعفران؟ ماذا عليك أن تفعل؟
قالت الأم: إنه يجهد نفسه ويفكر.
وقال الأب: يحكّ رأسه لعله يجد الحل .
آه.. يا أمي؟ هه! وجدت الحل يا أمي. وجدته.
صاح الأب: ما هو؟ ما هو الحل الذي وصلت إليه؟
أجاب زعفران: أعاهد نفسي أن أظل يوما كاملا من دون غضب. لا أثور على أحد مهما كانت الأسباب .
مواء مواء..
الأب: هذا قرار عظيم.
الأم: حاول من الآن.
وفي اليوم التالي نهض القط الصغير زعفران من فراشه وأطلّ من النافذة.
ميو.. ميو.. أوه السماء ملبّدة بالغيوم الداكنة. ولكن مهلا، مهلا يا زعفران. ليس هناك ما يثير غضبك. فقد عاهدت نفسك على ألا تثور، ولذا إنني لن أثور أبدا بل سأضحك. ميو. ميو.
وتوجّه القط زعفران إلى مائدة الطعام ليتناول الفطور. فمدّ يده ليتناول إبريق الشاي ليصبّ منه في الفنجان.
أوه. الشاي بارد. ما لك؟ ما لك يا زعفران؟ لا تفقد أعصابك. لقد عاهدت نفسك على ألا تثور. أفضل شيء هو أن أذهب إلى المطبخ وأسخّن الإبريق من جديد. اضحك. اضحك يا زعفران. ابتسم. هيء هيء. ميو ميو.
وحين استعد زعفران لمغادرة المنزل إلى المدرسة وجد حقيبته مفتوحة وكتاباً منها قد تمزّق غلافه.
قال زعفران: هذا شقيقي الصغير! يا له من هر خبيث. ولكني لن أثور. سأكبت غضبي، وسأعيد تغليف الكتاب اليوم عندما أعود من المدرسة. وسيكون الغلاف زاهيا جميلا.هيء. هيء. ابتسم يا زعفران، لا تغضب.. ميو. ميو.
قالت الأم: هل تسمعني يا زوجي العزيز؟
ماذا تريدين أن تقولي يا زوجتي المحترمة؟
ابنك زعفران كان اليوم على غير عادته.
كيف؟ يضحك، كيف؟ صحيح كيف؟
تصور! تصور أنه مضى إلى المدرسة. سار في الطريق وهو يتأمل التلاميذ والناس وهم مسرعون إلى مدارسهم وأشغالهم. كنت أراقبه من بعيد. كان يبتسم فرحا وقد امتلأ قلبه بشعور ممتع، وهو يقول: يا له من صباح جميل! ويغني.
قال الأب: صحيح؟ صحيح؟هذه أخبار جميلة، أخبار جميلة عن زعفران.
وقالت الأم: وأكثر. عند مدخل المدرسة اصطدم زعفران بتلميذ يركض وآلمته الصدمة، ولكنه ضغط على نفسه ولم يغضب، بل قال: عفوا يا صديقي. أنا آسف.
ولكن . كيف عرفت كل ذلك؟ لحقت به ورحت أراقبه من بعد. تصوّر أنه أمضى كل الصباح مبتسما ولم يتذمر أو يغضب رغم أن الأستاذ وبخه لأنه لم يكتب الوظيفة. فاقترب من الأستاذ وقال: عفوا يا أستاذ! أرجو أن تسامحني! وبقي زعفران سعيدا.
الأب والأم يضحكان: ميو. ميو. ميو.
هذا هو زعفران مقبل. إنه مسرور جدا وقد شعر الأصدقاء بتغير سلوك صديقهم، فأقبلوا عليه يداعبونه ويمازحونه. وكان راضيا يبادلهم المداعبة والمزاح بروح مرحة. وعاد إلى البيت فيما كانت أمه في المطبخ تعدّ الطعام.
أهذا أنت يا زعفران؟ قالت الأم.
نعم يا أمي! طاب نهارك.
شكرا يا صغيري.
أمي، هل تريدين أية مساعدة؟
تريد أن تساعدني يا زعفران؟
نعم يا أمي، اطلبي وتمني.
هذا تصرف رائع. تصرف ممتاز يا صغيري تستحق عليه كل تهنئة.
أمي.
نعم يا صغيري.
هل تعلمين يا أمي أن الحياة تكون ممتعة جدا حين أكون مبتسماً ومزعجة جدا حينما أكون غاضبا.
تعجب الأب وقال: هاه! ماذا تقول يا زعفران؟
أقول لأمي أني أجد الحياة ممتعة جدا حين أكون مبتسما ومزعجة جدا حين أكون غاضبا.
نعم.. نعم.. هذه هي الحقيقة. هذه هي الحقيقة يا ولدي. ها.. وماذا قررت أن تفعل الآن؟
لن أغضب بعد الآن. بل سأبقى مبتسما وأواجه كل شؤون الحياة برفق وروية وابتسامة.
بارك الله فيك من ولد عرف طريق الحياة..
من نوادر جحا
- راح جحا يبيع حماره.. رجع الحمار ومعه ۱۰دينار
ما بحت بسري.
- سألوه يوماً: هل تعرف أحداً يحفظ الأسرار في البلدة؟ فأجابهم: حيث أني علمت بأن صدور الخلق ليست بمستودع فلم أبح بسري لأحد حتى الآن.
- كان يوماً راكباً جملاً فأخذ يسف سويقاً (وهو الدقيق الممزوج بالسكر) وكان الهواء شديداً، فكلما وضع شيئاً في فمه يتطاير ولا يدخل جوفه شيء منه، فسأله رفيق له: ماذا تأكل؟ فأجابه: ما دامت الحال على ما ترى فلا شيء.
- كان يوماً ضيفاً عند أحدهم، فتأخر قليلاً، فتعشى صاحب الدار ظاناً أن جحا تعشى أيضاً، وجاء جحا فسامره ولاطفه وأمضى معه هزيعاً من الليل، ثم دخل أصحاب الدار للمنام بعد أن قالوا للشيح (تصبح عل؟ خير خذ راحتك) وكان الخادم قد أعد له فراشاً نظيفاً جيداً وذهب. ولما خلا الشيخ بنفسه جاع وأراد النوم فلم يقدر، فأخذ يجول في الغرفة فلم يفده ذلك واشتد عليه الجوع، فتقدم من الباب الداخلي وقرعه، فرد عليه من الداخل: ما هذا؟ ما هذا؟ فأجابهم مسترحماً: أني عصامي وفراشكم الواطئ حرمني النوم فهل لكم بشلتة اجعلها فراشاً وأخرى لحافاً ووسادة حتى أنام بهناء وراحة ولكم الفضل؟
- سلمه يوماً أحدهم علبة مغلقة وقال له أرجو أن تحفظها إلى أن أعود. ومضت بضعة أيام ولم يحضر الرجل، فقال جحا: عجباً! ماذا تحتوي هذه العلبة؟ ثم فتح الغطاء فوجد فيها عسلاً مصف؟ من أجود ما يكون فسال لعابه وغمس إصبعه ولحس.. فأعجبه، فصار كلما دخل وخرج لعق لعقة وينتحل أسباباً ليدخل إلى المكان الموجودة فيه العلبة إلى أن لم يبق فيها شيء، فأخذ حفنة ذرة ورشها في أسفل العلبة. وبعد مدة حضر صاحب العلبة وطلبها فناوله إياها بكل فتور فوجدها خفيفة ففتحها فلم يجد فيها شيئاً من العسل فقال له: أين العسل؟ فأجابه الشيخ: لا أنت تسألني ولا أنا أتكلم.
- غافل بعضهم الشيخ يوماً وأخذوه شاهد زور للمحكمة. فأدعى المدعي على خصمه بحنطة. فأحضروا الشيخ وسألوه فشهد بشعير، فقالوا له: غلطت فكان يجب أن تقول حنطة. فأجابهم: أيها الجهلاء طالما الشهادة كاذبة فالحنطة والشعير سيان.
- ضاعت دجاجة الشيخ فأتى بخرق سوداء وربطها في أعناق الفراريج وتركها، فقالوا له، ما هذا؟ فقال: حزنوا على موت أمهم
العصفورة وفراخها
تعوّدت اليمامة الرّمادية على زيارة حافّة الشّباك في صفّ طارق لأنّها شعرت بالأمان وبمحبّة الصّغار لها واهتمامهم بها. فهُم يحملون إليها الطّعام يوميا.
وفي هذا اليوم، عندما عاد الصغار إلى صفّهم بعد انتهاء فسحة السّاعة العاشرة، فوجئوا باليمامة داخل الصّف. لقد رأت بعض الخبز على الأرض، فتشّجعت وقفزت إلى الدّاخل لإلتقاطها، فأسرع طارق وأمسك بها مُحقّقا بذلك أمنيته بأن يتحسّس ريشها النّاعم. وتحلّق الرّفاق حول طارق وكلّ منهم يحاول أن يأخذ اليمامة منه، وهي تضرب بجناحيها محاولةً التّخلص من يد طارق.
قالت المُعلّمة بحزمٍ: دعها يا طارق.
تَرَك طارق اليمامة، فطارت مُبتعدةً عبر النافذة.
تابعت المُدَرّسة قائلةً: أنتَ فتى طيب يا طارق، وكذلك كلكّم طيبون، والإنسان الطّيب لا يؤذي، بل يجب أن يكون رحيما مُحبا يشفق على الضّعيف ويساعد المُحتاج، ولا يغدر بمن يطمأنّ إليه. والحيوانات والطّيور مخلوقات ضعيفة. وهذه اليمامة قد لجأت إلينينا واطمأنّت فلا يصحّ إخافتها.
قال طارق: أنا لم أقصد إخافتها أو إيذائها.
فأجابته المُعلّمة: لا بأس عليك يا طارق. اسمعوا يا صغاري هذه القصة التي جرت مع رجلٍ حكيمٍ.
كان الحكيم جالسًا بين أصحابه فجاءه رجل يلبس عباءةً وفي يده شيء يخبّئه في طرف عباءته، وقال: يا حكيم، كنت أمرّ بقرب مجموعةٍ من الأشجار فسمعتُ أصوات فراخ طير، فأخذتها من عشّها ووضعتها في عبائتي، فجاءت أمّ الفراخ وحامت فوق رأسي، فكشفت عباءتي عن فراخها الصّغار فحامت الأم فوق الفراخ ثم جلست فوقها فلففتها في عباءتي وها هي معي.
فقال الحكيم: ضعها هنا على الأرض.
فلمّا وضعها الرجل، كشف الحكيم الغطاء عنها، فرفضت الأم فراق صغارها، فقال الحكيم: أتعجبون لرحمة أمٍ بفراخها؟
قال أصحابه: نعم.
قال الحكيم: إنّ الله أرحم بعباده من أمّ الفراخ بفراخها. ثم أمرَ الرجل أن يرجع الفراخ وأمّها إلى حيث كانت.
قال طارق: أنا آسف فعلاً، ولكن هل ستسامحنا اليمامة؟ هل ستعود إلى حافّة صفّنا كعادتها؟
اتّفق الصغار مع المعلمة على إعادة الطّمأنينة إلى اليمامة الرّمادية، وقنِعوا بصداقتها لهم من بُعدٍ. فتابعوا وضع الحَبّ والخبز لها ووضعوا لها وعاء ماء لتشرب.
ويومًا بعد يومٍ عادت اليمامة تحطّ قليلاً، تنقر من الحَبّ ثم تطير. ولم يحاول أحد من الصغار أن يقترب منها حتى لا يخيفها، فأَلِفَت اليمامة هذا المكان واطّمأنّت إلى أصدقائها. ومع اقتراب موعد عطلة الفصل الأوّل شغل فكر طارق ورفاقه سؤال هام: مَن سيهتّم باليمامة أثناء غيابهم؟ وإذا افتقدت اليمامة الطعام الذي كانت تجده على حافة شبّاك صفهم فهل تعود إليه؟
اقترحت المعلمة على الصّغار أن يحضروا كميةً من الذّرة تكون مؤونةً لليمامة طيلة غيابهم، على أن يتولّى العَم محمود، حارس المَدرَسَة، رشّ الحَب يوميا لها على شباك صفّهم. وهكذا، وقبل مغادرة الأولاد المدرسة، توجّهوا مع المعلمة إلى العم محمود ليشرحوا له الأمر. استمع العم محمود إلى طلب الأولاد ثم قال، وقد ترقرقت الدّموع في عينيه: يا الله كم أنتم من الطّيبين أيّها الصغار، وأطمئنكم بأنّني لن أنسى أبدًا أن أرشّ الحَب لليمامة، وسأرشّه لها مرّتين في اليوم، صباحًا وبعد الظهر.
وشكرت المُعلّمة والأولاد العَم محمود، وودّعوه.
(ما رأيكم بصنع بيتٍ لليمامة؟)
اقتراح تقدّم به طارق ولاقى التّرحيب من الرّفاق والمعلمة، فأقبلوا على تنفيذه بنشاطٍ في ساعات الرّسم والأشغال اليدويّة. أسبوع مرّ وأصبح البيت جاهزًا. إنّه مصنوع من علبة بسكويت كرتونيّة، ومُلوّن بألوانٍ زاهيةٍ حمراء وصفراء، وقد جعل له الصّغار بابا مفتوحا. ووضعوا البيت على حافّة الشباك وبداخله قشّ وذرة وقمح.
أخذت اليمامة تتردّد على البيت الصغير، تنقر من الحب وتطير. وشيئًا فشيئًا أَلِفَت اليمامة بيتها الجديد، بل أصبح زوج حمام يتردّد على حافة الشباك، وبدأت اليمامة تبني لنفسها عشا في البيت الجديد. فسعد الصغار بالبيت الذي صنعوه لليمامة، وبتردّد زوج اليمام معًا على شبّاك صفّهم.
ويوما اكتشف الصغار ريشا رماديا متناثرا على حافّة الشّباك، والذّرة لا تكاد تنقص شيئا. قلق الصغار على صديقتهم اليمامة، وبخاصةٍ عندما لاحظوا ضمور جسمها وميله إلى الهزال بعد أن كان ممتلئًا. تساءل طارق قائلاً: أهي مريضة؟ أجاب مالك: أظنّها صائمة. سلحفاتي تصوم كلّ سنة.
المُعلمة: لا. اليمامة ليست صائمة، إنّها فقط تبدّل ريشها كطبيعة الطّيور في مثل هذا الوقت من كلّ عامٍ. وهي مثل كلّ الطيور، يقلّ أكلها في هذه المرحلة..
الصّغار واليمامة
لم يدم انتظار الأولاد طويلاً، فبعد ستّة عشر يومًا من احتضان اليمامة للبَيض، فوجئوا برؤية فرخين صغيرين في العشّ يغطّي جسميهما زغب رمادي. راقب الصغار اليمامة وهي تحتضن الفرخين تحت جناحيها، أو تطعمهما الحَب بمنقارها. وأعجبوا بها وهي تهمّ بالدفاع عنهما كلّما خَطَر للصّغار الإقتراب من العش، وقد شارك الوالد الأم في العناية بالصّغيرين، بإطعامهما أو بالدّفاع عنهما أو بتدريبهما على الطّيران عندما قوّيت أجنحتهما. لم يملّ الأولاد تأمّل زوج اليمام والفرخين الصغيرين، وأصبح الفرخان الصّغيران شغل الأولاد الشّاغل. وقد دفعتهم الرّحمة بهما إلى زيادة كميّة الحَب التي يحضّرونها يوميًا، وإلى تنافسهم في ملء وعاء الماء وتنظيف العش. لكن مشكلةً كبيرةً بدأت تواجههم: فعطلة الصيف التي اقتربت حَمَلت طارقًا على التّساؤل: تُرى هل أستطيع أن آخذ الفرخين معي إلى البيت فأضعهما في قفصٍ وأعتني بهما؟
إعترضت المعلمة قائلة: لا يا طارق. الصّغيران بحاجةٍ إلى أمّهما وأبيهما لتعليمهما كيف يأكلان، ولتدريبهما على الطيران. كما إن اليمام يحبّ الحريّة ولا يعيش في قفصٍ طوال الوقت.
ولكن مَن سيهتم بهما؟ مَن يضع لهما الماء والحَب كلّ يومٍ؟
سنطلب ذلك من العَم محمود، كما فعلنا سابقًا، أتذكرون؟
أخاف أن ينسى العم محمود ذلك، فتترك اليمامة حافّة شبّاكنا ولا تعود إليه أبدا.
لتكن مشيئة الله يا أولادي.
وغادر الأولاد المدرسة لقضاء عطلة الصّيف وفي أذهانهم سؤال: أتراهم سيعودون ليجدوا اليمامة وفرخيها الصّغيرين على حافّة شباك الصف، أم تراها ستغادر المدرسة لتبحث عن الرّزق في مكانٍ آخرٍ يسوده الأمن والسلام؟!
جحا والحمار
ذهب جحا إلى السوق واشترى حماراً وربطه بحبل ومشى وسحبه وراءه، فتبعه لصّان، وحلّ واحد منهما الحبل ووضعه حول عنقه وهرب الآخر بالحمار وجحا لا يدري، ثم التفت خلفه فوجد إنساناً مربوطاً في الحبل فتعجب وقال له: أين الحمار؟ فقال: أنا هو، فقال جحا: وكيف حصل هذا؟ قال اللص: كنت عاقاً لوالدتي فدعت الله أن يمسخني حماراً. فلما أصبح الصباح قمت من نومي فوجدت نفسي ممسوخاً حماراً فذهبت إلى السوق وباعتني للرجل الذي اشتريتني منه، والآن أحمد الله لأن أمي رضيت علي، فعدت آدميا. فقال جحا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكيف كنت سأستخدمك وأنت آدمي اذهب إلى حال سبيلك.
وحلّ الحبل من حول عنقه وهو يقول له:
- إياك أن تغضب أمك مرّة أخرى، والله يعوضني خيراً.
وفي الأسبوع الثاني ذهب جحا إلى السوق ليشتري حماراً فوجد حماره الذي اشتراه من قبل فتقدم إليه وجعل فمه في أذنه وقال له: يا شؤم عدت إلى عقوق أمك. ألم أقل لك لا تغضبها؟ إنك تستحق ما حلّ بك.
قصة في الاتحاد قوة
يحكى ان مجموعة من الفراخ كانت تعيش في مزرعة وكان لها بيت جميل تعتني بتنظيفه والمحافظة عليه وتحرص الا يدخل المزرعة اي غريب. ولكن احد الخراف عرف طريق المزرعة فكان كل يوم يركب جرارا ويتجه به الى المزرعة كانت الفراخ تخاف جدا من صوت الجرار، وكان الخروف سعيدا بذلك، فقد كانت الفراخ تهرب من امامه فيتجه هو الى بيتها ويأخذ البيض ويرجع فرحا بهذه الغنيمة السهلة.
احست الفراخ بالغضب من هذا الخروف وعقدت اجتماعا طارئا، وقررت ان تواجه الخروف بكل قوة وحزم. واول شيء فعلته انها قامت ببناء بيت مرتفع كي تراقب منه الطريق الذي يأتي منه الخروف. ولم تنتظر الفراخ طويلا فقد جاء الخروف كالعادة وهو يركب الجرار وتقدم نحو المزرعة بكل ثقة، وهنا صاح الفرخ الذي في بيت المراقبة وطلب من اصحابه الاستعداد للهجوم، وفعلا استعدت الفراخ.
فما كاد الخروف يوقف الجرار وينزل منه لأخذ البيض حتى انقضت عليه الفراخ مجتمعة بكل قوة وشجاعة، واخذت تنقره في وجهه وعينيه واذنيه ورجليه. خاف الخروف كثيرا من هذا الهجوم المباغت وقرر الا يعود الى المزرعة مرة ثانية. اما الفراخ فقد فرحت بهذا الانجاز الذي حققته، وعرفت ان في الاتحاد قوة، وانها مهما كانت صغيرة وضعيفة الا انها قادرة على الدفاع عن حقها اذا اتحدت معا
قصة جعيدان
كان هناك رجل عجوز في القرية وله بنت، وادعى يوم من الايام بأن ابنته تستطيع تحويل القش الى ذهب فأمر الملك باحضار الفتاة ومن ثم امرها بأن تحول كومة من القش الى ذهب والا قطع رأسها. ولكن الفتاة خافت كثيرا من الملك وبدأت بالبكاء الكثير حتى ظهر لها قزم صغير حول لها كومة القش الى ذهب واخذ منها عقد من الذهب.
وطلبت منه في المرة الثانية ان يحول كومة القش الى ذهب! ففعل واخذ منها هذه المرة الخاتم وفي المرة الثالثة قال لها انه سيأخذ مولودها الاول من الملك بعد زواجهما! فوافقت على هذا الشرط لأنها تريد ان تتزوج الملك.
فتزوجت الفتاة الملك.. فلما انجبت مولودها الاول جاء القزم لأخذه منها ولكنها رفضت ان تعطيه المولود وقالت سأعطيك بدلا عنه اموال كثيرة. لكن القزم رفض ذلك واراد اخذ الطفل حسب الشرط والوعد الذي وعدته. ولكنه في النهاية سألها سؤال واعطاها فرصة لمدة ثلاثة ايام للاجابة على سؤاله.. واذا لم تستطع الاجابة سيأخذ الطفل عنها والا تركه لها.
وبعد مرور ثلاثة ايام استطاعت الفتاة الاجابة على سؤال القزم واحتفظت الفتاة في الطفل وذهب القزم غضبان منها ولم يأتي مرة اخرى لمساعدتها في تحويل القش الى ذهب.
جحا العادل
وقف رجل فقير وهو يحمل رغيفاً من الخبز أمام مطعم تنبعث منه رائحة اللحم المشوي، وصار يأكل من الرغيف ويشمّ رائحة اللحم، وحينما رآه صاحب المطعم قال له:
- ماذا تفعل أيها الرجل؟
قال الرجل: - أستمتع برائحة شوائك اللذيذ. قال صاحب المطعم:
- إذا كنت تستمتع برائحة الشواء، فيجب أن تدفع لي ثمنها.
واستغرب الفقير تصرف صاحب المطعم، وقام كل منها إلى الآخر يخاصمه، حتى اتفقا أن يذهبا إلى القاضي جحا ليحكم بينهما، وحين وصلا إليه سألهما عن سبب خصامهما فقال صاحب المطعم:
- إن هذا الرجل جاء إلى دكاني وهو يحمل رغيفاً، وصار يشم رائحة شوائي، ويأكل من رغيفه، وأنا أريد الآن ثمن رائحة الشواء التي شمّها. قال له جحا:
- وكم تريد ثمنها؟ فأنا سأدفعه لك. قال صاحب المطعم:
- أريد عشرة قروش فضية. فأخرج جحا من جيبه عشرة قروش فضية، ورمى بها على الأرض فأصدرت صوتاً ثم قال:
- لقد استمتع هذا برائحة اللحم المشوي، ولكنه لم يذق طعم اللحم، وأنت تستطيع أن تستمتع بصوت رنين القروش العشرة لكن ليس من العدل أن تنالها.
الذئب المغرور والنعجة الذكية
قال الذئب: انا جائع، اريد ان آكل.
الحقيقة ان الذئب كان يعيش حيث لم يستطع احد ان يقيم، بل ابتعد الجميع عنه. ومع ذلك كان يقطع الطرق ويجر الى بيته كل ما يلتقيه من حيوان من دون تفرقة بين مذنب وبريء. وكان يزعج الاسماع بعوائه المكروه.
انا جائع، صاح الذئب.
قال الراعي: يا له من صوت مخيف! حتى الحيوانات المفترسة تسد آذانها كلما لعلع صوته في البرية.
«اسكت يا ذئب».
لكن الذئب ظل يعوي، وقال: ما اجمل صوتي! انه اجمل اصوات حيوانات البرية! انا جائع، وقد انقضى الليل من غير ان اتمكن من العثور على شيء آكله. وقد دب النعاس في عيني ولم اجد بعد شيئاً يشبعني. سيطلع الصباح من دون ان آكل.
رآه ثعلب صغير فقال له: اراك واقفاً هنا يا ذئب!
نعم، اني انتظر.
ماذا تنتظر؟
انتظر طعامي!
ماذا تحمل بين فكيك يا ثعلب؟
هذه؟ انها دجاجة، الا تفرق بين الدجاج والحيوانات الاخرى؟
من اين احضرتها يا ثعلب؟ اخبرني. ان بطني تكاد تتقطع جوعاً.
قال الثعلب ضاحكاً: انت حقاً يا ذئب مخلوق مسكين.
غضب الذئب وصاح: لماذا تقول انني مخلوق مسكين يا ثعلب؟
اجابه الثعلب: اتقف هنا تنتظر ان تمر بك الطرائد، والسهل عند طرف النهر يعج بالقطعان قطعان؟ اية قطعان؟
كان الذئب الاغبر يعيش في غابة قرب قرية فيها الكثير من قطعان الغنم، وكان كلما احس بالجوع، يفترس نعجة تنفرد عن القطيع. وذات يوم، لاحظ ان القطيع يرعى بلا راع وبلا كلاب حراسة.
فانقض الذئب على القطيع، واختار منه نعجة ليفترسها، فقالت له: سيدي الذئب.
ماذا تريد؟
عفواً، قبل ان تفترسني، هل لك في ان تصنع لنا جميلاً؟
اي جميل؟
اصنع لنا معروفاً، فلن ننسى جميلك.
اي معروف؟ وهل ينتظر من الذئب ان يصنع معروفاً؟
القضية ايها الذئب المحترم اننا في حاجة الى منشد، ونحن جماعة تحب الغناء، وكل ما نرجوه هو ان تساعدنا في الغناء، وحين نغني نأمل بعد ذلك ان تهنأ بالف صحة وصحة.
اغني؟ قال الذئب متعجباً.
نعم يا سيدي.. فليس ذلك بمتعذر عليك. فأنت مطرب مشهور، وصوتك نسمعه كل ليلة، فلا يمكننا النوم.
ها! ها! ها! ها!
نعم يا سيدي. نعم يا سيدي، قبل ان نموت نريد ان نغني، ونريدك ان تغني معنا.
لم تتمكنوا من النوم بسبب صوتي؟
نعم.
هل كان يخيفكن صوتي؟
جداً جداً.
مساكين. كلامك جعلني اشفق عليكن.
هل لك اذن ان تغني معنا قبل ان تأكلنا؟
نعم نعم. قطعتن قلبي شفقة عليكن. هيا. واحد، اثنان، ثلاثة. وعلت اصوات العواء عندها اندفع السكان والرعاة والكلاب في المنطقة وهجموا على الذئب وقضوا عليه بفضل ذكاء هذه النعجة وجرأتها.
الحطاب
كان في قديم الزمان حطاب يخرج كل صباح ليجمع الحطب. وذات صباح خرج الحطاب من البيت والسماء تمطر بغزارة. وعند وصوله الى المكان الذي يجمع منه الحطب، وجد سبعاً مستلقياً على الارض.
قال السبع للحطاب: «اريد ان اصادقك واساعدك لأنك فقير الحال». ففرح الحطاب فرحاً شديداً اخذ السبع يساعده الى ان صار غنياً.
وذات ليلة كانت السماء تمطر مطراً غزيراً. ففكر السبع ان يذهب الى بيت صديقه الحطاب. ولما اراد دخول البيت شاهد عدداً من الرجال جالسين مع الحطاب، ففكر السبع في نفسه، وقال: «لن ادخل الى بيت صديقي حتى لا يخاف مني هؤلاء الرجال».
تنحى السبع جانباً حتى لا يشاهده احد. وبدأ الرجال يتحدثون مع الحطاب، فسأله احدهم: «ايها الحطاب، انك رجل فقير، فمن اين حصلت على هذا المال الكثير»؟
فأجاب الحطاب: «لقد حصلت على المال بتعبي».
ولما سمع السبع ذلك غضب غضباً شديداً، لأن الحطاب بهذا الرد انكر مساعدة السبع له ورجع السبع الى مكانه وهو حزين.
عند الصباح، ذهب الحطاب كعادته الى المكان الذي يعيش فيه السبع، فوجده يعاني المرض سأله الحطاب: «ما بك يا صديقي العزيز»؟
فأجابه السبع: «اني مريض». ثم سأله: «هل فأسك قوية»؟
اجاب الحطاب: «نعم انها قوية».
فقال له السبع: «ارجو ان تضربني بها ضربة شديدة».
استغرب الحطاب هذا الطلب، لكنه ضرب رأس السبع، فأوقعه على الارض مضرجا في دمائه. وظن الحطاب ان السبع قد مات، فتركه، وعاد الى بيته.
مرت الايام.. وذات يوم ذهب الحطاب الى عمله - كالعادة - فرأى السبع حياً يرزق، فناداه، قال له: «عفوك يا صديقي، لقد اخطأت وضربتك ثم تركتك معتقداً انك ميت». قال السبع: «ارجو ان تنظر الى رأسي، هل شفي الجرح»؟
نظر الحطاب الى رأس السبع فوجد الجرح قد التأم ولم يبق له اثر، فأخبر السبع بذلك.
قال السبع: «هذه هي ضربتك. ان جرح الضرب يلتئم، لكن جرح الكلام فلا يلتئم ابداً. قل لي لماذا انكرت مساعدتي لك»؟
خجل الحطاب وراح يعتذر للسبع عما حدث. لكن السبع التفت اليه غاضباً وقال: «هيا ابتعد عني بسرعة، والا فاني سآكلك».
فهرب الحطاب لينجو بنفسه..
البطلان: قنفذ وخلد
قالت الرواية: حكاية اليوم تتناول مشكلة قامت بين بطلين، هما قنفذ وخلد.
كان القنفذ يتنزه في الحقل حين شاهد اكواماً صغيرةً من التراب الناعم الاملس.
قال القنفذ: غريب! ما هذا التراب؟ اسمع حفيفاً واهياً قريباً مني. هه! من هذا الحيوان الصغير الذي يحفر الارض ويدفع التراب بقوائمه ويقيم كومة من التراب جديدة؟
وجاء صوت الخلد: سه، سه، سه!
فصرخ القنفذ: من انت يا مسأسئ؟
اجاب الخلد: قل لي من انت اولا لأقول لك من انا ثانياً؟
حسناً. انا القنفذ، وانت؟
وانا الخلد، اسمي الخلد. الم تسمع بالخلد من قبل يا حضرة القنفذ؟
فقال القنفذ: كم انت رقيق وممتاز. انا نادم لأني لم اتعلم ان احفر بنفسي في التراب مثلك. والحقيقة اني لم اشاهد في حياتي كلها خلداً.
قال الخلد ضاحكا: شكراً لك على ثنائك. والآن بعد ان شاهدتني اصبحت تعرف الخلد؟
نعم، ولي الشرف بذلك.
صاح الخلد: اخجلك تواضعي!
قال القنفذ: سأجلس هنا بالقرب من اوكارك وارى كيف تقوم بالحفر وقلب التراب وتكديسه في اكوام صغيرة.
اهلاً وسهلاً، اهلاً وسهلاً. تفضل، تفضل. هل لك يا صاحبي القنفذ ان تشرب فنجاناً من القهوة؟
لا شكراً، بالافراح.
ما بالك يا صاحبي الخلد؟
خطرت على بالي فكرة.
فكرة؟ اية فكرة؟
ما رأيك ايها الصديق العزيز؟
رأيي؟ بماذا؟
ان نكون شريكين معاً في زراعة القمح؟
شريكين في زراعة القمح؟
بالضبط يا رفيقي. فأنا املك حقلاً واسعاً، ولكني لا اجيد الحفر والحراثة وقلب التربة مثلك هه، هه، بدأت افهم.
ممتاز اذن. انت يا عزيزي الخلد تحرث الارض وانا ابذرها واتعهدها بالسقاية والعناية. وسيكون عندنا بعد ذلك انتاج وفير نتقاسمه بالتساوي.
هاه..
هه! ماذا؟ لم تبد لي رأيك؟
موافق، موافق. هات يدك يا صديقي القنفذ نتصافح عربوناً للاخلاص والمحبة والوفاء شد على يدي كما اشد على يدك.
يا صديقي انا اعاهدك.
وانا اعاهدك.
حرث الخلد الارض بدقة واهتمام. وبعد ان بذر القنفذ القمح، اعاد الخلد حراثة الارض مجدداً حتى تمكن من طمر جميع البذور في التراب. وراح الاثنان ينتظران.
سأل الخلد: والآن ايها القنفذ العزيز، ماذا ستفعل؟
فأجابه القنفذ: سأهتم بالمزرعة، واعتني بسقايتها وتعشيبها وحمايتها من فئران الحقول.
حسناً تفعل، وانا اساعدك ايضاً.
طبعاً. فغداً سينمو القمح، وستكون سنابله كثيرة وغنية بالحبوب.
وعندها سيكون نصيب كل منا وفيراً.
طبعاً، طبعاً.
كان الموسم وافراً. وتعهد القنفذ حصاده وجمعه اكداساً كبيرة، ثم درس القمح وذراه فصار كحبات اللؤلؤ. وحان اوان اقتسام المحصول.
قال الخلد: أرأيت ما اوفر الموسم؟
فأجابه القنفذ: طبعاً، طبعاً؟
هيا، هيا نقتسم الغلة.
حاضر، حاضر.
ماذا تنتظر؟ هيا نقتسم، نصف الغلة لي، ونصفها لك.
دعها للغد، وان غداً لناظره قريب.
اذا صباحاً نقتسم الغلة.
ألم تسمع ما قلت؟
قلت غداً.
وقلت ايضاً ان غداً لناظره قريب.
فكر الخلد: ان غداً لناظره قريب؟ ماذا يعني؟
قال القنفذ لنفسه: لم يكن الخلد شريكي؟ الم اعمل اكثر منه؟ انه لا يستحق نصف المحصول. انا تعبت اكثر منه. يجب ان آخذ حصة اكبر. وماذا يستطيع الخلد ان يفعل ان اخذت اكثر؟ فانا عندي اشواك كثيرة حادة تلف جسمي، استطيع ان اقذفه بها واحمي نفسي منه ان اراد ان يقاتلني. فلأذهب الى الحقل وآخذ نصيي.
وفي الحقل كان الخلد ينتظر من قبل الفجر.
اراك جئت مبكراً يا صديقي القنفذ؟
فكر القنفذ لنفسه: ما به سبقني الى الحقل؟ - ثم قال بصوت عادي: جئت للاقتسام هيا! باشر.
لماذا نتعب انفسنا يا خلدي الجميل؟ سأعطيك حصتك الآن، هذه حصتك.
ماذا؟ حصتي؟ حصتي؟ هذه حصتي؟ اراك اعطيتني كومة صغيرة وابقيت كل الغلة لك.
طبعاً. فانا اعتنيت بالموسم من اوله الى آخره.
وانا حفرت الارض وساعدتك.
هذه حصتك يا خلد وكفى!
ولكننا اشتركنا معاً على اساس ان يكون النصف لي والنصف الآخر لك.
هذه حصتك، وافعل ما تشاء!
انا لا اقبل بهذا! لا، لا، لا اقبل.
لا تقبل؟ انت حر. هذا ما لك عندي. خذه وامش.
ما هذا الكلام يا قنفذ؟
هذا الكلام لك.
انت لص خسيس ودنيء.
اسكت يا خلد والا لن تعرف ما يحل بك!
ماذا يحل بي؟
صاح القنفذ: اقذفك بشوكي.
فأجابه الخلد: اسمع يا صاحبي. لم النزاع؟ نرفع قضيتنا الى الثعلب. فهو قد اقام محكمة للنظر في قضايا المظلومين، وما يقول نعمل به.
حسناً. فلنذهب الى الثعلب.
ضحك الثعلب طويلاً، وقال: نعم، نعم، فهمت. هل لأي منكما ان يقول شيئاً آخر؟
قال الخلد: اريد حصتي كاملة.
وقال القنفذ: انا تعبت واريد نصيبي.
حسناً، قال الثعلب، دعاني افكر بالامر، كي اصل بكما الى حل عادل يرضيكما معاً. اذهبا الآن غداً في مثل هذا الوقت، نلتقي معاً في الحقل.
وجاء حكم الثعلب في الغد، فقال للقنفذ: ايها القنفذ المسكين! لقد تعبت كثيراً وبذلت مجهوداً كبيراً تستحق المكافأة عليه. وحق لك ان تستريح من عناء العمل الشاق. فقد حصلت من جراء دراسة القمح وتذريته على قش وتبن كثير، تستفيد منه في بناء اكثر من بيت لك، وفي صنع فرش عديدة تحميك شر البرد، وتوفر لك الراحة والنعيم الدائم. فكل القش والتبن لك وحدك، لا يحق للخلد مشاركتك فيهما.
وقال للخلد: اما انت ايها الخلد الطيب، فانك لست بحاجة الى شيء من القش والتبن. انك بحاجة الى غذاء يحميك من الجوع، تختزنه في بيتك لوقت الحاجة. خذ هذه حفنة من حبات القمح اماناً لك من الجوع والفقر.
واضاف الثعلب: اما انا فسأكتفي بما تبقى من حبات القمح هنا كأجر لأتعابي في احلال السلام بينكما.
تساءل الخلد: يعني.. لن يصيبنا شيء من قمحنا؟
وقال القنفذ: وتعبنا؟
فأجابهما الثعلب: هذا هو حكم الثعلب.
نظر الخلد الى صديقه القنفذ وقال له: أرأيت؟ أرأيت ما حل بنا بسبب طمعك؟
فأجاب القنفذ: انت لم تقبل بما اخترت انا.
ضحك الخلد وقال: ما احلى ظلم القنفذ! انه خير الف مرة من حكم الثعلب.
بينما تحسر القنفذ على ما خسر وقال: آه! ما ضرني لو لم اطمع واستولي على حصتي وحصة شريكي
تجربة اولى
فتح الطائر الصغير عينيه الخرزيتين.. نظر في ارجاء العش.. تناهى الى سمعه حفيف اوراق الشجرة، ثم سمع النسمة العابرة تقول له:
هيا يا صغيري.. انه الفجر.. هيا جرب جناحيك.
رفع الطائر الصغير رأسه.. وكانت الام قد غادرت العش بحثاً عن الطعام.. وكانت قد صحبته يوم امس الى رحلة صغيرة.. دار حول الشجرة.. رآها ضخمة.. بهرته خضرتها الرائعة.. عجب لذلك فهو لا يرى من خلال عشه الا جزءاً صغيراً من الشجرة.
رفرف الطائر الصغير بجناحيه فرحاً، وقفز من العش، احس بقدرته على الطيران.. غادر عشه وهو يخفق بجناحيه.. كاد يسقط، لكنه استعاد توازنه من جديد ثم انطلق محلقاً فوق الشجرة.. شجرته هي التي احتضنته طوال هذه المدة.
ابتعد عن الشجرة.. حلق عالياً.. احس بالقوة على التحليق.. فراح يصعد في الفضاء الفسيح.. ظهرت الغابة تحته مثل بحر من ورق اخضر. اكتشف الطائر الصغير ان الشجرة اكبر من عشه وان الغابة اكبر من الشجرة.. فقال في نفسه: لابد ان يكون العالم اكبر من الغابة
هلال وشجرة الذهب
كان هلال ولدا كسولا
زملاؤه يتحركون ويعملون.. وهو خامل
اشتهر بين زملائه وعرف بالولد الكسول وكثيراً ما كانوا ينادونه اهلا ياكسلان
ضايقه هذا الوصف وآلمه.. ماذا يفعل؟
ابتعد عن اصدقائه.. انطوى وانزوى وحيدا.. هو يخاف من السخرية
وذات يوم قام مهموماً.. واخذ يسير في الطريق. كان يفكر كيف يكون نشيطاً وكيف يكتسب احترام الناس والزملاء.
وجد نفسه فجأة امام شجرة. كان قد اعياه السير.
جلس تحت الشجرة واسند ظهره اليها. احس بالراحة. وبعد فترة وجيزة راح في نوم عميق واثناء نومه رأى رؤيا عجيبة. رأى ان الشجرة تقول له: لا تحزن يا هلال ولا تتألم. فأنت ولد طيب، وسأخبرك الآن كيف تكون نشيطاً. وكيف يحبك الناس والزملاء وكيف يقدرونك ما عليك الا ان تأخذ هذا الدلو وتملأه من هذا البئر البعيد.. ثم تعود به لترويني.
هلال: ولماذا كل ذلك؟
شجرة الذهب: لاثمر لك البرتقال الذهبي الذي سيجعلك غنيا. ستمكث هنا ثلاثة اشهر. وبعدها تأخذ البرتقال الذهب وترحل.
هلال: انا رهن اشارتك. وسأبدأ العمل على الفور. ومكث هلال يروي الشجرة ويسقيها ثلاثة اشهر وظهرت ثمار البرتقال ولكنها غير ذهبية.
فقال هلال للشجرة: ان هذا البرتقال غير ذهبي.
شجرة الذهب: بعد ثلاثة اشهر اخرى من العمل يتغير البرتقال ويصبح ذهبياً وفي خلال هذه المدة ستذهب الى الشاطئ البعيد. وتعمل مع الصيادين وقد اخبرتهم بذلك. وبعدها تعود لتأخذ البرتقال الذهبي.
هلال: من الآن سأذهب واعمل مع الصيادين.
شجرة الذهب: مع السلامة يا هلال. وادعو الله لك بالتوفيق.
ويسير هلال ويسير حتى وصل الى الشاطئ.
وجد الصيادين يعملون بهمة ونشاط
القى عليهم السلام. رحبوا به واكرموه
قالوا له: انت ضيفنا الليلة يا هلال. وغداً ان شاء الله تبدأ العمل ومكث هلال ثلاثة اشهر مع الصيادين. احبهم كثيراً واحبوه صار صياداً ماهراً.
اكتسب خبرة عظيمة في صيد الاسماك. لم يبخل عليه الصيادون بالارشاد والتوجيه.
حصل على مال وفير. لم يضايقه احد طيلة هذه المدة. لم يقل له احد يا كسلان فقد كان شعلة من حماس وحيوية احس باحترام الجميع له قال في نفسه. لما كل هذا؟
ردت عليه الشجرة في الحال: لأن العمل والكفاج جعلا لك كياناً وقيمة. ويستيقظ هلال مندهشاً وهو يقول.
انا عظيم انا لست كسلاناً وينتبه ويقف على رجليه. ثم يعدو في الصحراء الممتدة امامه وهو يصيح شكراً لك ايتها الشجرة العظيمة. فقد اضأت لي طريق النجاح. نعم: العمل هو الغنى والثراء، العمل هو برتقال الذهب الحقيقي.
تكذبني وتصدق حماري
كان لجحا جار ثقيل، يكثر من الطلبات، فمرة يطلب من جحا ان يعيره طنجرة، ومرة يستلف منه نقودا ثم يماطل في اعادتها اليه، ومرة يستخدمه في قضاء بعض الحاجات.
اما اليوم، فقد جاء ليستعير حمار جحا.
قرع الباب، وخرج اليه جحا، ورحب به، وسأله عن حاجته، فقال له جاره:
انت تعرف - يا جاري العزيز يا جحا - حق الجار على الجار.
قال جحا: نعم.. اعرف.
قال الجار: وتعرف ان الرسول (ص) اوصى حتى سابع جار.
قال جحا: اعرف.
قال الجار: وتعرف اني رجل كبير السن.
قال جحا: اعرف.
قال الجار: وتعرف اني اشكو الالم في مفاصلي.
قال جحا: اعرف.
قال الجار: وتعرف اني لا املك حمارا اركبه لقضاء حاجاتي.
قال جحا: اعرف.
قال الجار: وتعرف ان للجار حقا على الجار وحماره.
قال جحا: اعرف الشق الاول، ولا اعرف الشق الثاني.
قال الجار: الشق الثاني اهم من الشق الاول.
سأل جحا: لماذا؟
قال الجار: لأني اريد الذهاب الى السوق، وارجو ان تعيرني حمارك.
عندها ادرك جحا ان كل هذا اللف والدوران من اجل الحمار.
تلفت جحا حوله، وتنحنح، ورسم ابتسامة باهتة على شفتيه، ثم قال: ولكن حماري ليس هنا يا صديقي.
سأل الجار: اين هو يا جاري العزيز؟
اجاب جحا: في البستان. اخذته زوجتي ام الورد الى البستان.
في هذه اللحظة، نهق الحمار، فقال الجار:
حمارك في البيت يا جحا، فلماذا تكذب علي؟
فعبس جحا وهو يقول: ويحك يا جاري تكذبني وتصدق حماري؟
سر القوة
عاش حمار بالقرب من احدى الغابات، في مكان لا يبعد كثيرا عن بيت الثعلب، الذي بدأ يفكر بالرحيل من الغابة بسبب صوت الحمار المزعج، فالحمار كثير النهيق مما تسبب في ازعاج الثعلب ومنعه من النوم.
قرر الثعلب ان يتخلص من الحمار ومن صوته بأية وسيلة، لذا اسرع الى الحمار وقال له: انك اقوى من رأيت في حياتي ايها الحمار، لماذا؟ لا تتحدى الاسد في قتال عادل وتصبح ملكا للغابة بدلا منه؟
قال الحمار بخوف: ماذا انا اتحدى الاسد؟ لا.. انه اقوى مني بكثير.
فقال الثعلب بمكر: ان سر قوة الاسد في صوته ايها الحمار، فهو يزأر بأعلى صوته، فيموت الحيوان من الخوف، فيأكله الاسد بسهولة.. ان صوتك اقوى من صوت الاسد ولكنه يحتاج الى بعض التدريب.
اقتنع الحمار بالفكرة، وبدأ ينهق بأعلى صوته ليل نهار، فلم تعد الغابة كلها تستطيع النوم.. فطلب الاسد من الذئب ان يأمر الحمار بالسكوت والا..
غضب الحمار وبدأ يرفس الارض بأرجله عندما علم بتهديد الاسد، وقال للذئب: هل وصلت الوقاحة بالاسد ان يهددني، قل له اتحداه في اي مكان يختاره؟
غضب الاسد عندما سمع بما قاله الحمار، واسرع يبحث عنه.. لم يخف الحمار عندما رأى الاسد مقبلا نحوه بل وقف متحفزا للقتال وبدأ ينهق بأعلى ما يستطيع من قوة ويقول في نفسه: سيرجوني الاسد كي اعفو عنه.
هجم الاسد على الحمار وغرز انيابه ومخالبه في لحمه، صاح الحمار من شدة الالم متسائلا: كيف يحدث هذا؟ انا اصيح اعلى منك؟
فقال الاسد ضاحكا: المهم هو الفعل وليس القول ايها الحمار
صياد العصافير
قبل مئات السنين، عاش في المدينة الخضراء رجل عجيب اتخذ من صيد العصافير مهنة له،
فتفنن في ابتداع طرق ووسائل صيدها، وعرفه جميع الناس وذاع صيته، وسمع به الكثيرون في مدن كثيرة، وسموه صياد العصافير. ثم شاع هذا الاسم الجديد حتى نسى الجميع اسمه الحقيقي.
كان يصطاد أعداداً كبيرة من العصافير كل يوم، ولم يكن هناك أحد يعرف ماذا يصنع بها؟!
كيف يبيعها؟ وأين؟ لكن الناس في المدينة الخضراء تنبهوا إلى أمر غريب كان عليهم أن يتوقعوه: هو أن عدد العصافير بدأ يقل في المدينة، وصار من النادر والمفرح أن يرى الإنسان عصفوراً على غصن شجرة أو واجهة بيت أو في فناء منزل، لكنهم لم يكترثوا كثيراً حتى بعد أن تنبهوا، فما دخل العصافير في حياتهم؟!
غير أن الأولاد والصبيان في المدينة الخضراء أحزنهم هذا الأمر، ومن دون وعي أو قصد، صاروا يشيرون قافزين مبتهجين فرحين كلما رأوا عصفوراً في مكان، ثم أخذ الأولاد يتحركون من مكان لمكان من أجل رؤية عصفور كان يطير مرعوباً من فرط وحشة المدينة التي تخلو من جماعة العصافير، حتى إن العصفور الوحيد كان يصيح خائفاً مستنجداً لعله يسمع صوت آخر، وإن كان في آخر المدينة.
وهكذا صارت العصافير الوحيدة تطير من مكان لمكان حتى يجتمع اثنان أو ثلاثة منها، ومع هذا كله لم يهتم الناس الكبار ولم يكترثوا..
وكان صياد العصافير يتبعها، ويصيد تلك الفرادى الحزينة المستوحشة، فإذا صادف أن رآه مجموعة أولاد، فإنهم يسرعون لكي يدفعوا العصفور للطيران والابتعاد عن مكان الصياد، أو يزعقون ويصيحون ليغطوا على صوت نداءاته المرتاعة الفزعة، فلا يسمعها الصياد..
ثم جاء ذلك اليوم، وساد سكون خاص زاد من حزن الأولاد وشعورهم بالوحشة والخوف، فقد خلت المدينة من أي عصفور، ولم يعد يرى رفيف جناح أو صدى زقزقة، ويوماً وراء يوم كان الناس ماضين في حياتهم وأعمالهم، لا شأن لهم بالعصافير وصياد العصافير.
لكن.. شيئاً فشيئاً، ووقتاً وراء وقت، شعر الناس بوجود شيء غريب في المدينة.. كان هناك ما تغير فيها.. صار الناس يحسون به ولا يعرفونه، وتنبه واحد منهم إلى وجود بعوض، وتنبه آخر إلى وجود حشرات أخرى طائرة أو زاحفة، والأكبر من هذا أن مجموعات كبيرة من الجراد بدأت تظهر في المزارع والمراعي والبساتين والحقول، وصارت الحياة أكثر صعوبة مما توقعه الجميع، فقد لاحقت أعداد البعوض والذباب الناس في داخل بيوتهم وحجرات نومهم، وزحف الجراد إلى كل مكان فيها، وضج الناس من الشكوى، وطلب الجميع الحل..
كا